الفهرس الالي لمكتبة كلية العلوم الاجتماعية

Titre de série : |
سلسلة الجامع في تاريخ تشريع العلوم ؛ الفقه والاصول و القواعد و النوازل و الخلاف و المقاصد |
Titre : |
تاريخ الفقه الاسلامي الجزء الثاني : دراسة تاريخية -نظرة تحليلية - مقاربات نقدية في تاريخ الفقه و مؤلفاته و رجاله و رصد لحركة نشاطه وتطوره و تنوع مناهجه و مدارسه عبر مختلف الأدوار و المراحل |
Type de document : |
texte imprimé |
Auteurs : |
الياس،دردور, Auteur |
Editeur : |
بيروت:دار ابن حزم |
Année de publication : |
2011م |
Importance : |
776ص |
Format : |
24/17سم |
Langues : |
Arabe (ara) Langues originales : Arabe (ara) |
Mots-clés : |
الدين الاسلامي؛ تاريخ الفقه؛ التطور |
Index. décimale : |
261-الاعمال العامة حول أصول الفقه الاسلامي |
Résumé : |
هذه السلسلة الجامعة في تاريخ التشريع لعلوم الفقه والأصول والقواعد والنوازل والخلاف والمقاصد هو دراسة واسعة في تاريخ هذه العلوم الدقيقة ، وبحث في كيفية نشأتها وتطورها ، ورصد لحركة نشاطها في الأمة الاسلامية ، وتفاعلاتها عبر الادوار التي مرت بها* الدور الخامس : دور النقد والتنقيح والاختيار
ويمتدّ من منتصف القرن الخامس الهجري إلى منتصف القرن السابع الهجري
*الدور السادس : دور التفقّه أو توليد المسائل وابتكار الأنظار والأبحاث
وهو أطول الأدوار زمنا ، فهو يمتدّ من منتصف القرن السابع إلى أوائل القرن الثالث عشر الهجري
*الدور السابع : دور احتكاك الفقه بالقوانين الوضعيّة والمدارك الحقوقيّة الأجنبيّة
وفي هذا الدور محاولات تجديد عظيمة في كتابة الفقه وإعادة صياغته وإخراجه في ثوب جديد بما يتلاءم ومتطلبات العصر
ويمتدّ من أوائل الفرن الثالث عشر إلى الآن
مقدمة الكتاب :
الحمد لله الذي لا يخرج شيء عن قدرته ، ولا يعزب عنه مثقال ذرَة في الأرض ولا في السماء ، والصلاة والسلام على سيَدنا محمَد الذي محا الله به ظلمات الجهل وأظهر به منارات العلم والهدى ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد فهذا الكتاب الجامع في تاريخ التشريع لعلوم الفقه والأصول والمقاصد ، والنوازل والخلاف والقواعد ، دراسة واسعة في تاريخ هذه العلوم الدقيقة ، وبحث في كيفيَة نشأتها وتطوَرها ، ورصد لحركة نشاطها في الأمَة الإسلاميَة ، وتفاعلاتها عبر الأدوار التي مرَت بها ، من خلال الوقوف على اختلاف مذاهبها ومناهجها وتنوَع مدارسها ، وجهود العلماء في إظهارها وتأسيسها ، ومراحل تأصيلها وتفريعها
وعلى الرغم ما لعلماء السلف من الاعتناء الكامل والإحاطة الشاملة بالكتابة في كلَ المواضيع الهامَة والقضايا الخطيرة التي ارتقى إليها فكرهم ، والتي برهنت على ما كان لهم من واسع الإطَلاع وعظيم المعرفة والمشاركة في شتَى أنواع العلوم ، ومختلف نواحي المعرفة ، فإنَ الكتابة في هذا الموضوع الذي هو تاريخ التشريع الإسلامي لم يحظ لدى أسلافنا الكرام بعناية واهتمام ، وغاية ما نجده من إسهامات القدامى في هذا المجال ، كتب الطبقات التي اهتمَ بها أصحاب التراجم
لذلك تعتبر الكتابة في تاريخ التشريع من الفنون الجديدة المبتكرة ، وأوَل من تصدَر للكتابة فيه من المسلمين– حسب ما وصل إليه علمي – هـو الشيخ محمد بن الحسن الحجـوي الثعالبـي الفاسـي فـي كتابه الذي سمَاه : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي ، حيث اهتدى إلى طريقة في دراسة الفقه واستخلاصه من دلائله ومقاصده ، وتناول بالبحث جوانب تتعلَق بتاريخه وتاريخ مذاهبه ، والوقوف على تراجم أعلامه ، وقسَم تاريخ الفقه الإسلامي في ذلك إلى أربعة أدوار هي : الطفوليَة والشباب والكهولة والهرم فأظهر تاريخا للفقه كان فيه غير مسبق بمثله
ثمَ حذا حذوه الشيخ محمد الخضري بك حيث صنَف مؤلَفا مختصرا سمَاه تاريخ التشريع الإسلامي ، اهتدى فيه إلى تقسيم تاريخ الفقه إلى ستَة أدوار ، من حياة الرسول إلى بداية القرن الرابع عشرالهجري
ثمَ اشترك ثلاثة من علماء الأزهر وهم : الشيخ عبد اللطيف السبكي والشيخ محمد عليَ السايس ، والشيخ محمد يوسف البربري ، في تصنيف كتاب بعنوان تاريخ التشريع الإسلامي ساروا فيه على نفس تقسيم الشيخ الخضري ، ونهجوا فيه نهجه
ومن التآليف الأولى القيَمة كذلك ما كتبه الدكتور محمد يوسف موسى تحت عنوان تاريخ الفقه الإسلامي ، ثمَ توالت الكتابات في هذا المجال بعد ذلك تترى
وأمَا أوَل من تصدَر للكتابة في تاريخ الفقه الجعفري عامَة فهو الشيخ هاشم معروف الحسني الذي وضع كتابا بعنوان : تاريخ الفقه الجعفري ، عرض ودراسة
فحازت هذه المؤلَفات السبق في التأليف ، ووضعت اللبنات الأولى لهذا الفنَ الجديد المبتكر ، ولم يكن هناك بدَ من الرجوع ، والإطَلاع عليها ، حيث دلَتنا على معاني استفدناها منها
غير أنَ الذي وضع أمامي مادَة تشريعيَة عميقة ، وتاريخا فقهيَا دقيقا هو المرحوم العلاَمة الفاضل بن الطاهر بن عاشور في محاضراته ودراساته القيَمة والنادرة في تاريخ التشريع الإسلامي ، وخاصَة منها تلك التي كان يلقيها بين سنتي 1385 ه / 1966 م و 1387 ه / 1968 م ، خلال زياراته المتكرَرة للمغرب الأقصى ، والتي عرفت بالدروس الحسينيَة
تلك المحاضرات التي وجدت فيها من عمق التفكير ، ودقَة الاستنتاجات ، في الفقه المقارن عموما ، وفي الفقه المالكي على وجه الخصوص ، ما فتح أمامي سبلا كنت عنها غافلا ، وأرشدتني إلى مسائل كنت عنها ساهيا ، وخرجت بعد قراءتها – على اختصارها وإيجازها – برؤية مهذَبة جامعة ، وتصوَر موضوعي منطقي لنشاط العقل الفقهي
وأعظم استفادتي منها تتجلَى في تقسيم أدوار تاريخ الفقه الإسلامي التي راعى فيها حركة الفقه ذاتها ، خلافا لغيرها من التقسيمات التي راعت جوانب خارجة عن حركة الفقه
ونحن وإن كنَا لا ننكر ما للعوامل السياسيَة والجغرافيَة من تأثير على علوم الإسلام ، لكن تبقى حسب اعتقادي كلَها تأثيرات جانبيَة ، ويبقى التقسيم الموضوعي المنطقي العميق هو ذاك الذي ينبع من ذات العلم لا من خارجه ، فأن نسير بالفقه مثلا من دور التأسيس إلى التأصيل فالتفريع فالتطبيق ثمَ النقد والتنقيح والاختيار وغيرها من المراحل ، أولى وأحرى من ربط أدوار الفقه بقيام الدول وسقوطها ، ذلك أنَ الفقه هو فقه المجتمع ونشاط الحركة الفقهيَة هو نشاط رجال الفقه لا نشاط رجال السياسة
ولقد كان الدافع لكتابي هذا – على وفرة من كتب في هذا الموضوع في هذا العصر – أربعة أمور :
أوّلا : محاولة قراءة تاريخ الفقه وفهمه من خلال حركة الفقه وعلاقتها بالمراكز العلميَة المنتشرة في البلاد الإسلاميَة ، ودراسة تطوراته وموجبات تغيَراته بمقتضى ما دخل على تلك المراكز من تحوَلات في ضوء تنافس المذاهب ورجالاتها
ثانيا : إعطاء حظَ أوفر لأعلام أهل المغرب والأندلس – الغرب الإسلامي – الذين حجبوا إلى حدَ ما من كتابات إخواننا المشارقة ، حين كتبوا في تاريخ التشريع للفقه الإسلامي ، مقارنة بتراجم الأعداد الهائلة من أعلام أهل مصر والعراق والشام وغيرها من ديار الشرق الإسلامي
ثالثا : اعتماد تقسيم جديد في سير أدوار الفقه ومراحله هو ألصق بالفقه من سائر التقسيمات الأخرى التي لها علاقة بجوانب خارجة عن الفقه ذاته
رابعا : التوسَع في دراسة علوم ستَة واسعة الآفاق ، عظيمة الشأن ، لها علاقة بمصادر التشريع الإسلامي ، دون الاقتصار على علم أو علمين ، لما لهذه العلوم من ارتباط وثيق ، وصلة متينة ، بحيث لا يكاد ينفكَ علم عن علم ، ولا نكاد نؤرَخ لفنَ إلاَ وجدنا للفنون الأخرى مدخلا فيه واشتراكا لها معه ، ذلك أنَ كلَ هذه الفنون تنبع من مشكاة واحدة ، أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وتلك هي ميزة الشريعة الإسلاميَة عن سائر الشرائع الوضعيَة والقوانين البشريَة
هذا ، ولقد ظننت أوَل الأمر أنَه بإمكاني أن أفرغ من تأليف هذا الكتاب الجامع في عام أو عامين على أقصى تقدير ، بعد أن قمت خلال دراستي الجامعيَة بجمع ما وقع بين يديَ من كتابات في هذا المجال ، أنتظر الفرصة السانحة لإعلان ساعة الصفر في بداية الكتابة في هذا الموضوع الذي طالما أخذ بعقلي وشغل فكري ووجدت له نفسي ميلا وبه شغفا ، وما إن وضعت آخر لمسة في إعداد رسالتي الجامعيَة في شهادة الدراسات المعمَقة في رمضان من سنة 1416 ه / 1995 م ، حتَى بدأت العمل دون كلل أو ملل ، ولم أفرغ من جزئيه الأوَلين – تاريخ الفقه وأصوله – إلاَ بعد سنوات من الجهد والبحث تخلَلتها من حين لآخر اهتمامات ببعض الشواغل ، و أحيانا فتور لهمَ من هموم الدنيا ، أو تشتَت بال وتقلَب أحوال ممَا لا تخلو منه حياة إنسان بأيَ حال من الأحوال
غير أنَي بمجرَد أن أتممت الجزأين الأوَلين من هذا الجامع ، خطر ببالي أن أراجع ما كتبت ، وما إن بدأت في تنفيذ هذه الفكرة حتَى وجدت نفسي أراجع كلَ جملة كنت قد كتبتها ، وأجيل النظر في كلَ فكرة كنت قد أثبتها ، أعاود الكتابة من جديد ، فأضيف ما أراه ناقصا ، وأحذف ما أراه حشوا ، وأسدَ ما أعتبره ثغرة ، لا أهدأ في ذلك بأيَ حال ، وتمثَلت أثناء ذلك قول العماد الأصبهاني : إنَي رأيت أنَه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلاَ قال في غده لو غيَر هذا لكان أحسن ، ولو زيد كذا لكان يستحسن ، ولو قدَم هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل ، وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر
وقد سعيت على قدر الجهد ، وبذلت مبلغ الجدَ على أن أحقَق الغاية من هذا الكتاب ، وألمس الهدف المنشود والمقصد المطلوب ، والله أسأل أن يعينني على إتمام بقيَة العمل راجيا منه أن يلهمني في عملي كلَه الصواب والسداد ، ومنه أستمدَ العون والرشاد ، إنَه سميع قريب مجيب الدعوات . |
سلسلة الجامع في تاريخ تشريع العلوم ؛ الفقه والاصول و القواعد و النوازل و الخلاف و المقاصد. تاريخ الفقه الاسلامي الجزء الثاني : دراسة تاريخية -نظرة تحليلية - مقاربات نقدية في تاريخ الفقه و مؤلفاته و رجاله و رصد لحركة نشاطه وتطوره و تنوع مناهجه و مدارسه عبر مختلف الأدوار و المراحل [texte imprimé] / الياس،دردور, Auteur . - [S.l.] : بيروت:دار ابن حزم, 2011م . - 776ص ; 24/17سم. Langues : Arabe ( ara) Langues originales : Arabe ( ara)
Mots-clés : |
الدين الاسلامي؛ تاريخ الفقه؛ التطور |
Index. décimale : |
261-الاعمال العامة حول أصول الفقه الاسلامي |
Résumé : |
هذه السلسلة الجامعة في تاريخ التشريع لعلوم الفقه والأصول والقواعد والنوازل والخلاف والمقاصد هو دراسة واسعة في تاريخ هذه العلوم الدقيقة ، وبحث في كيفية نشأتها وتطورها ، ورصد لحركة نشاطها في الأمة الاسلامية ، وتفاعلاتها عبر الادوار التي مرت بها* الدور الخامس : دور النقد والتنقيح والاختيار
ويمتدّ من منتصف القرن الخامس الهجري إلى منتصف القرن السابع الهجري
*الدور السادس : دور التفقّه أو توليد المسائل وابتكار الأنظار والأبحاث
وهو أطول الأدوار زمنا ، فهو يمتدّ من منتصف القرن السابع إلى أوائل القرن الثالث عشر الهجري
*الدور السابع : دور احتكاك الفقه بالقوانين الوضعيّة والمدارك الحقوقيّة الأجنبيّة
وفي هذا الدور محاولات تجديد عظيمة في كتابة الفقه وإعادة صياغته وإخراجه في ثوب جديد بما يتلاءم ومتطلبات العصر
ويمتدّ من أوائل الفرن الثالث عشر إلى الآن
مقدمة الكتاب :
الحمد لله الذي لا يخرج شيء عن قدرته ، ولا يعزب عنه مثقال ذرَة في الأرض ولا في السماء ، والصلاة والسلام على سيَدنا محمَد الذي محا الله به ظلمات الجهل وأظهر به منارات العلم والهدى ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد فهذا الكتاب الجامع في تاريخ التشريع لعلوم الفقه والأصول والمقاصد ، والنوازل والخلاف والقواعد ، دراسة واسعة في تاريخ هذه العلوم الدقيقة ، وبحث في كيفيَة نشأتها وتطوَرها ، ورصد لحركة نشاطها في الأمَة الإسلاميَة ، وتفاعلاتها عبر الأدوار التي مرَت بها ، من خلال الوقوف على اختلاف مذاهبها ومناهجها وتنوَع مدارسها ، وجهود العلماء في إظهارها وتأسيسها ، ومراحل تأصيلها وتفريعها
وعلى الرغم ما لعلماء السلف من الاعتناء الكامل والإحاطة الشاملة بالكتابة في كلَ المواضيع الهامَة والقضايا الخطيرة التي ارتقى إليها فكرهم ، والتي برهنت على ما كان لهم من واسع الإطَلاع وعظيم المعرفة والمشاركة في شتَى أنواع العلوم ، ومختلف نواحي المعرفة ، فإنَ الكتابة في هذا الموضوع الذي هو تاريخ التشريع الإسلامي لم يحظ لدى أسلافنا الكرام بعناية واهتمام ، وغاية ما نجده من إسهامات القدامى في هذا المجال ، كتب الطبقات التي اهتمَ بها أصحاب التراجم
لذلك تعتبر الكتابة في تاريخ التشريع من الفنون الجديدة المبتكرة ، وأوَل من تصدَر للكتابة فيه من المسلمين– حسب ما وصل إليه علمي – هـو الشيخ محمد بن الحسن الحجـوي الثعالبـي الفاسـي فـي كتابه الذي سمَاه : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي ، حيث اهتدى إلى طريقة في دراسة الفقه واستخلاصه من دلائله ومقاصده ، وتناول بالبحث جوانب تتعلَق بتاريخه وتاريخ مذاهبه ، والوقوف على تراجم أعلامه ، وقسَم تاريخ الفقه الإسلامي في ذلك إلى أربعة أدوار هي : الطفوليَة والشباب والكهولة والهرم فأظهر تاريخا للفقه كان فيه غير مسبق بمثله
ثمَ حذا حذوه الشيخ محمد الخضري بك حيث صنَف مؤلَفا مختصرا سمَاه تاريخ التشريع الإسلامي ، اهتدى فيه إلى تقسيم تاريخ الفقه إلى ستَة أدوار ، من حياة الرسول إلى بداية القرن الرابع عشرالهجري
ثمَ اشترك ثلاثة من علماء الأزهر وهم : الشيخ عبد اللطيف السبكي والشيخ محمد عليَ السايس ، والشيخ محمد يوسف البربري ، في تصنيف كتاب بعنوان تاريخ التشريع الإسلامي ساروا فيه على نفس تقسيم الشيخ الخضري ، ونهجوا فيه نهجه
ومن التآليف الأولى القيَمة كذلك ما كتبه الدكتور محمد يوسف موسى تحت عنوان تاريخ الفقه الإسلامي ، ثمَ توالت الكتابات في هذا المجال بعد ذلك تترى
وأمَا أوَل من تصدَر للكتابة في تاريخ الفقه الجعفري عامَة فهو الشيخ هاشم معروف الحسني الذي وضع كتابا بعنوان : تاريخ الفقه الجعفري ، عرض ودراسة
فحازت هذه المؤلَفات السبق في التأليف ، ووضعت اللبنات الأولى لهذا الفنَ الجديد المبتكر ، ولم يكن هناك بدَ من الرجوع ، والإطَلاع عليها ، حيث دلَتنا على معاني استفدناها منها
غير أنَ الذي وضع أمامي مادَة تشريعيَة عميقة ، وتاريخا فقهيَا دقيقا هو المرحوم العلاَمة الفاضل بن الطاهر بن عاشور في محاضراته ودراساته القيَمة والنادرة في تاريخ التشريع الإسلامي ، وخاصَة منها تلك التي كان يلقيها بين سنتي 1385 ه / 1966 م و 1387 ه / 1968 م ، خلال زياراته المتكرَرة للمغرب الأقصى ، والتي عرفت بالدروس الحسينيَة
تلك المحاضرات التي وجدت فيها من عمق التفكير ، ودقَة الاستنتاجات ، في الفقه المقارن عموما ، وفي الفقه المالكي على وجه الخصوص ، ما فتح أمامي سبلا كنت عنها غافلا ، وأرشدتني إلى مسائل كنت عنها ساهيا ، وخرجت بعد قراءتها – على اختصارها وإيجازها – برؤية مهذَبة جامعة ، وتصوَر موضوعي منطقي لنشاط العقل الفقهي
وأعظم استفادتي منها تتجلَى في تقسيم أدوار تاريخ الفقه الإسلامي التي راعى فيها حركة الفقه ذاتها ، خلافا لغيرها من التقسيمات التي راعت جوانب خارجة عن حركة الفقه
ونحن وإن كنَا لا ننكر ما للعوامل السياسيَة والجغرافيَة من تأثير على علوم الإسلام ، لكن تبقى حسب اعتقادي كلَها تأثيرات جانبيَة ، ويبقى التقسيم الموضوعي المنطقي العميق هو ذاك الذي ينبع من ذات العلم لا من خارجه ، فأن نسير بالفقه مثلا من دور التأسيس إلى التأصيل فالتفريع فالتطبيق ثمَ النقد والتنقيح والاختيار وغيرها من المراحل ، أولى وأحرى من ربط أدوار الفقه بقيام الدول وسقوطها ، ذلك أنَ الفقه هو فقه المجتمع ونشاط الحركة الفقهيَة هو نشاط رجال الفقه لا نشاط رجال السياسة
ولقد كان الدافع لكتابي هذا – على وفرة من كتب في هذا الموضوع في هذا العصر – أربعة أمور :
أوّلا : محاولة قراءة تاريخ الفقه وفهمه من خلال حركة الفقه وعلاقتها بالمراكز العلميَة المنتشرة في البلاد الإسلاميَة ، ودراسة تطوراته وموجبات تغيَراته بمقتضى ما دخل على تلك المراكز من تحوَلات في ضوء تنافس المذاهب ورجالاتها
ثانيا : إعطاء حظَ أوفر لأعلام أهل المغرب والأندلس – الغرب الإسلامي – الذين حجبوا إلى حدَ ما من كتابات إخواننا المشارقة ، حين كتبوا في تاريخ التشريع للفقه الإسلامي ، مقارنة بتراجم الأعداد الهائلة من أعلام أهل مصر والعراق والشام وغيرها من ديار الشرق الإسلامي
ثالثا : اعتماد تقسيم جديد في سير أدوار الفقه ومراحله هو ألصق بالفقه من سائر التقسيمات الأخرى التي لها علاقة بجوانب خارجة عن الفقه ذاته
رابعا : التوسَع في دراسة علوم ستَة واسعة الآفاق ، عظيمة الشأن ، لها علاقة بمصادر التشريع الإسلامي ، دون الاقتصار على علم أو علمين ، لما لهذه العلوم من ارتباط وثيق ، وصلة متينة ، بحيث لا يكاد ينفكَ علم عن علم ، ولا نكاد نؤرَخ لفنَ إلاَ وجدنا للفنون الأخرى مدخلا فيه واشتراكا لها معه ، ذلك أنَ كلَ هذه الفنون تنبع من مشكاة واحدة ، أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وتلك هي ميزة الشريعة الإسلاميَة عن سائر الشرائع الوضعيَة والقوانين البشريَة
هذا ، ولقد ظننت أوَل الأمر أنَه بإمكاني أن أفرغ من تأليف هذا الكتاب الجامع في عام أو عامين على أقصى تقدير ، بعد أن قمت خلال دراستي الجامعيَة بجمع ما وقع بين يديَ من كتابات في هذا المجال ، أنتظر الفرصة السانحة لإعلان ساعة الصفر في بداية الكتابة في هذا الموضوع الذي طالما أخذ بعقلي وشغل فكري ووجدت له نفسي ميلا وبه شغفا ، وما إن وضعت آخر لمسة في إعداد رسالتي الجامعيَة في شهادة الدراسات المعمَقة في رمضان من سنة 1416 ه / 1995 م ، حتَى بدأت العمل دون كلل أو ملل ، ولم أفرغ من جزئيه الأوَلين – تاريخ الفقه وأصوله – إلاَ بعد سنوات من الجهد والبحث تخلَلتها من حين لآخر اهتمامات ببعض الشواغل ، و أحيانا فتور لهمَ من هموم الدنيا ، أو تشتَت بال وتقلَب أحوال ممَا لا تخلو منه حياة إنسان بأيَ حال من الأحوال
غير أنَي بمجرَد أن أتممت الجزأين الأوَلين من هذا الجامع ، خطر ببالي أن أراجع ما كتبت ، وما إن بدأت في تنفيذ هذه الفكرة حتَى وجدت نفسي أراجع كلَ جملة كنت قد كتبتها ، وأجيل النظر في كلَ فكرة كنت قد أثبتها ، أعاود الكتابة من جديد ، فأضيف ما أراه ناقصا ، وأحذف ما أراه حشوا ، وأسدَ ما أعتبره ثغرة ، لا أهدأ في ذلك بأيَ حال ، وتمثَلت أثناء ذلك قول العماد الأصبهاني : إنَي رأيت أنَه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلاَ قال في غده لو غيَر هذا لكان أحسن ، ولو زيد كذا لكان يستحسن ، ولو قدَم هذا لكان أفضل ، ولو ترك هذا لكان أجمل ، وهذا من أعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر
وقد سعيت على قدر الجهد ، وبذلت مبلغ الجدَ على أن أحقَق الغاية من هذا الكتاب ، وألمس الهدف المنشود والمقصد المطلوب ، والله أسأل أن يعينني على إتمام بقيَة العمل راجيا منه أن يلهمني في عملي كلَه الصواب والسداد ، ومنه أستمدَ العون والرشاد ، إنَه سميع قريب مجيب الدعوات . |
|
Exemplaires